سورة الأنعام - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2)}
قال كعب: أول الأنعام هو أول التوراة {وَجَعَلَ الظلمات والنور} جعل هنا بمعنى خلق، والظلمات: الليل، والنور النهار، والضوء الذي في الشمس والقمر وغيرهما، وإنما أفرد النور لأنه أراد الجنس، وفي الآية رد على المجوس في عبادتهم للنار وغيرها من الأنوار، وقولهم: إن الخير من النور والشر من الظلمة؛ فإن المخلوق لا يكون إلهاً ولا فاعلاً لشيء من الحوادث {ثْمَّ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} أي يسوون ويمثلون من قولك: عدلت فلاناً بفلان، إذا جعلته نظيره وقرينه. ودخلت ثم لتدل على استبعاد أن يعدلوا بربهم بعد وضوح آياته في خلق السموات والأرض، والظلمات والنور وكذلك قوله: {ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ} استبعاد لأن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه أحياهم وأماتهم، وفي ضمن ذلك تعجيب من فعلهم وتوبيخ لهم {الذين كَفَرُواْ} هنا عام في كل مشرك. وقد يختص بالمجوس بدليل الظلمات والنور، وبعبدة الأصنام، لأنهم المجاورون للنبي صلى الله عليه وسلم، وعليهم يقع الردّ في أكثر القرآن {خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ} أي خلق أباكم آدم من طين {ثُمَّ قضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ} الأجل الأول الموت، والثاني يوم القيامة وجعله عنده: لأنه استأثر بعلمه، وقيل: الأوّل النوم، والثاني: الموت، ودخلت ثم هنا لترتيب الأخبار، لا لترتيب الوقوع، لأن القضاء متقدم على الخلق.


{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3)}
{وَهُوَ الله فِي السماوات وَفِي الأرض} يتعلق في السموات بمعنى اسم الله، فالمعنى كقوله: {وَهُوَ الذي فِي السمآء إله وَفِي الأرض إله} [الزخرف: 84]، كما يقال: أمير المؤمنين الخليفة في المشرق والمغرب، ويحتمل أن يكون المجرور في موضع الخبر: فيتعلق باسم فاعل محذوف، والمعنى على هذا قريب من الأول، وقيل: المعنى أنه في السموات والأرض بعلمه كقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [الحديد: 4]، والأول أرجح وأفصح؛ لأن اسم الله جامع للصفات كلها من العلم والقدرة والحكمة، وغير ذلك فقد جمعها مع الإيجاز، ويترجح الثاني بأن سياق الكلام في اطلاع الله تعالى وعلمه، لقوله بعدها: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}، وقيل: يتعلق بمحذوف تقديره: المعبود في السموات وفي الأرض وهذا المحذوف صفة لله: واسم الله على هذا القول، وعلى الأول هو خبر المبتدأ، وأما إذا كان المجرور الخبر فاسم الله بدل من الضمير.


{وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (5)}
{وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيات رَبِّهِمْ} من الأولى زائدة، والثانية للتبعيض، أو لبيان الجنس {بالحق} يعني ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم {فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ} الآية: وعيد بالعذاب والعقاب على استهزائهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8